لما خرج محمد صلى الله عليه وسلم من مكة حينما مكرت به قريش وأجمعت على قتله ، خرج مهاجراً إلى المدينة ، فبثت قريش عيونها في سبل مكة وشعبانها، وبعثت رسلها فنفضوا الصحراء نفضاً فما وقعوا له على اثر ، فعادوا إلى قريش وقد يأسوا منه فأذنت قريش في العرب ، أن من يرد علينا محمداً فله مائة من الإبل.
فقال سراقة: ما أحوجني إلى عشرين! فكيف السبيل إلى مائة؟
فتريث سراقة حتى إذا انصرم الليل، أسحر سالكا طريق المدينة فسار فيه إلى الصبح فلم يقع للقوم على اثر فعاد أدراجة يتبع طريق الساحل فلا يلقى فيه أحدا حتى زالت الشمس وحميت الظهيرة وتسعرت الأرض واحرق جوفه العطش ، وكان ينتهزه الطمع فيعدو فرسه عدواً شديداً . ثم يدركه القنوط فيدع الفرس تمشي متباطئا متخاذلاً..... حتى إذا بلغ منه التعب والعطش والجوع و اليأس نظر فإذا عند الغار محمد وصاحبه فصبت القوه في عضلاته ، وعادت إليه الحمية والنشاط ، فصاح في الفرس فأنطلق نحو الغار كالسهم المرسل.
فقال أبو بكر : هذا الطلب قد لحقنا يا رسول الله وبكى .
فقال رسول الله: وما يبكيك .
قال أبو بكر : ما والله على نفسي ابكي ولكن ابكي عليك.
فدعا عليه رسول الله وقال أكفينيه بما شئت فساحت فرسه في الأرض إلى بطنها .
فلما رأى سراقة ما رأى. وثب عن الفرس وقد طار الخوف بلبه وأبرأه الفزع من داء الطمع وصاح:يا محمد قد علمت إن هذا عملك فادع الله أن ينجيني مما أنا فيه ، ولأعمين على من ورائي من الطلب . فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنقذه الله .
وكلمه رسول الله فقال له : كيف بك يا سراقة إذا لبست سواري كسرى؟
ورجع سراقة وقد اجتمعت عليه المتناقضات من الأفكار و العواطف وهاج في نفسه الطمع والخوف و الأمل واليأس و فجع فجعل يقهقه في البادية . يقول ماذا ؟ أيعدني محمد سواري كسرى ، كسرى ملك الملوك ، وهو هاربا من قومه ، متخفي في الغار ليس معه إلا رجل واحد؟
أيبتلع هذا الغار ملك كسرى وجبروته وجلاله؟
أتنتصر هذه الصحراء على ملك كسرى وجناته و أنهاره؟
أيغلب هذان المهجران كسرى على خزائنه وجنوده؟
ولو أن العرب اجتمعت كلها ، ورمت عن قوس واحد ما نالت من كسرى منالاً على انها لن تجتمع أبداً.
ومرت السنون تعقبها السنون. وكان يوم صائف متوقد، ففر سراقة من حرة إلى حائط له ، فما استقر فيه حتى سمع منادياً ينادي: يا سراقة بن مالك الجعشمي. يا سراقة.
فصاح أن لبيك .
فقال له: أجب أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب.
وإذا الشمس بين يدي عمر تأخذ الأبصار ببريقها ولمعانها ، إذ بين يده تاج كسرى ومنطقته.
قال عمر: هلم يا سراقة..... أتذكر خبر الغار ، وسواري كسرى ؟
قلت: نعم.
قال: قد أذهب الله بالإسلام ملك كسرى، فلا كسرى بعد اليوم.
هات يدك. فألبسه السوار ين، وقال: ارفعهما فقل:
الله اكبر. الحمد لله الذين سلبهما كسرى بن هرمز وألبسهما سراقة بن مالك، أعرابياً من بني مدلج. يا سراقه لقد انتصر المهاجران على كسرى و قيصر وكان لهما ملك الأرض : يا سراقة، لقد أضاء النور الذي انبثق من بطن مكة الدنيا جميعاً .
ياسراقة لقد ظفر الغار بالعراق و الشام ، وغلبت الصحراء العالم.
يا سراقه! لقد كان ملك كسرى وقيصر كبيراً وقوياً، ولكن الله مع الذين آمنوا، والله أقوى ياسراقة الله أكبر.
url=http://www.0zz0.com][/url
سوسنة السلط Admin
عدد المساهمات : 284 امجد العمرو : 2 تاريخ التسجيل : 26/12/2009 العمر : 37
موضوع: رد: سراقة و سواري كسرى الجمعة يناير 01, 2010 7:26 pm